يعتبر ضغط الدم المرتفع
من أكثر الأمراض انتشاراً إذ تبلغ نسبة المصابين به ما بين 15 ـ 20% من
السكان في المجتمعات المتقدمة ، علماً بأن نسبة كبيرة منهم غير مشخصة طبياً
لأسباب عدة يأتي في مقدمتها ندرة الأعراض التي تظهر على المصاب فلا يحس
المريض بارتفاع ضغطه خاصة عندما يكون الارتفاع بسيط أو متوسط والذي ينطبق
على الكثير من المصابين وبالذات في المراحل الأولى للإصابة.
ضغط الدم
هو الضغط الانقباضي و الضغط الانبساطي ويعتبر ضغط الدم مرتفعاً عند تجاوز
واحد منهما أو كليهما عن معدل (140) للانقباضي و (90) للانبساطي، ويقاس
عادة بواسطة جهاز بسيط يعطي قراءة بمليمترات الزئبق، أو بأجهزة إلكترونية
تكون عادةً أقل دقة وتحتاج إلى ضبط بصفة دورية.
أنواع ضغط الدم وأسبابا ارتفاعه:
هناك نوعان لارتفاع ضغط الدم، الأول ويعرف بارتفاع ضغط الدم
الأساسي
وهو الأكثر شيوعاً ، إذا أن الوراثة والسمنة والإفراط في تناول ملح
الطعام، والإرهاق النفسي وقلة الحركة تساعد على ظهوره وتثبيته، وبالتالي
فإن هناك عاملاً وراثياً مؤهباً تلتحق به عوامل بيئية أو عادات غذائية
مساعدة تؤدي لظهور المرض.
والنوع الثاني ويعرف بارتفاع ضغط الدم
الثانوي ويكون تالياً لأحد الأسباب التالية:
أسباب كلوية :
مثل تضيق الشريان الكلوي أحادي أو ثنائي الجانب والذي يظهر بأعمار مبكرة (بين عمر 20-30 ) ويميزه أنه ارتفاع توتر شرياني شديد ومعند على العلاج عادة .
يندرج في هذا السياق ارتفاع التوتر الشرياني المرافق لإلتهاب الكبد والكلية والذي يزول بشفاء المرض.
للمزيد "فرط ضغط الدم الناجم عن الأوعية الكلوية"
أسباب هرمونية :
كفرط نشاط الدرق ويميزه
ارتفاع الضغط الإنقباضي وانخفاض الضغط الإنبساطي، وارتفاع الضغط المرافق لداء كوشنغ والألدوستيرونية البدئية (آفات تصيب غدة قشر الكظر) والفيوكروموسيتوما (ورم يصيب غدة لب الكظر)
أسباب قلبية وعائية:
وعلى رأسها تضيق برزخ الأبهر وما يميزه من
اختلاف أرقام الضغط بين الطرفين العلويين من جهة والطرفين السفليين من جهة أخرى في وضعية الإضطجاع (يكون الضغط أخفض في الطرفين السفليين) وأسباب أخرى نادرة وهذا النوع يمكن علاجه عن طريق علاج الأسباب التي أدت إلى ذلك.
التشخيص:
إن التشخيص غاية في البساطة وعادة ما
يكرر
الطبيب قياس الضغط في أوقات مختلفة قبل التأكد من التشخيص، فلا بد من قياس
الضغط في زيارتين مختلفتين بفاصل بين أسبوع وأسبوعين وأن يكون القياس
للطرفين العلويين وأحد الطرفين السفليين في كل زيارة وبوضعيتي الجلوس
والإضطجاع.
و بعد التشخيص يكمن دور الطبيب في تقصي الأسباب
إن وجدت وتوعية المريض بالمرض ومضاعفاته والبحث عن الظواهر المرضية الكامنة
الأخرى مثل
السكر و
ارتفاع كولسترول الدم ومن ثم يقدم للمريض البرنامج العلاجي المناسب.
مضاعفات ضغط الدم المرتفع:
الهدف الأساسي من علاج ارتفاع الضغط الشرياني هو
حماية الأعضاء الهدفية من الأذية التي إن حدثت تكون غير قابلة للتراجع وهذه الأعضاء تتضمن : الدماغ والقلب والكليتين وشبكية العين.
من المؤكد أن إهمال ضغط الدم المرتفع دون علاج له عواقب وخيمة قد تؤدي إلى
الإعاقة في سن مبكر
كما أن المحافظة على العلاج والاستمرار فيه يؤدي إلى الحيلولة دون ظهور
هذه المضاعفات أو على الأقل تأجيلها لسنوات عديدة، ويخفف من حدتها في نفس
الوقت، كما أن وجود مشاكل صحية أخرى مثل مرض السكري وارتفاع الكولسترول في
الدم، والسمنة، والتدخين….الخ؛ تؤدي إلى تفاقم الوضع الصحي للمصابين
وتجعلهم معرضين أكثر لحدوث هذه المضاعفات والتي يمكن تلخيصها فيما يلي:
الجلطة الدماغية:
أ- جلطة الدماغ من جراء انسداد أحد شرايينه مما قد يؤدي إلى شلل نصفي.
ب- النزيف الدماغي من جراء تمزق أحد الشرايين مما يؤدي إلى تجمع الدم في نسيج المخ وتكوين الورم الدماغي أو شلل في أحد الأطراف وقد يكون مميتاً إذا كان الورم كبير الحجم.
القلب و الشرايين:
تضخم القلب وفشله في أداء وظائفه، وتصلب الشرايين التاجية وقصورها و الفشل الكلوي إصابة شبكية العين وتلف العصب البصري، والنزيف الداخلي والتأثير السلبي على الأبصار.
تصلب الشرايين بصفة عامة ومبكرة خاصة عند من تتوافر لديهم العوامل مثل:التدخين وارتفاع نسبة الكولسترول.
العلاج:
علاج ضغط الدم المرتفع بعد التشخيص والتأكد من ارتفاع ضغط الدم عن المعدل الطبيعي
( حد أقصى 139/89) بعد قرائتين متتاليتين بزيارتين مختلفتين كما أسلفنا ، لا بد للطبيب من القيام بما يلي:
أولاً: البحث
عن السبب إن وجد خاصة عندما يشخص ارتفاع ضغط الدم للمرة الأولى في سن
مبكرة – قبل الخامسة و الثلاثين - أو في سن متأخرة - بعد سن الستين- أو
عندما لا يتجاوب الضغط المرتفع للعلاج كما هو متوقع حيث أن علاج ارتفاع ضغط
الدم الثانوي يكمن في إزالة أسبابه بالإضافة إلى الأدوية المستخدمة في
علاجه حتى يزال هذا السبب.
ثانياً : البحث عن
العوامل التي تؤثر سلباً على ضغط الدم وتساعد على ظهور المضاعفات مثل
ارتفاع نسبة الكولسترول، التدخين، السمنة….الخ، ومحاولة إزالتها أو على
الأقل التخفيف من آثارها السلبية عن طريق إنقاص معدلاتها.
ثالثاً:
إذا كان ارتفاع ضغط الدم بسيط ولا يتجاوز(150/100) فان كل ما يحتاج إليه
المريض وهو إتباع النصائح الطبية دون اللجوء إلى الأدوية وذلك
لمدة زمنية لاتتجاوز ثلاثة أشهر (عسى أن تكفي ونجنب المريض تناول الدواء)، وهذا الإجراء مفيد في كل الحالات ويمكن تلخيصه فيما يلي:
• الإقلال من تناول
ملح الطعام بالتدريج حتى يتقبل المريض الطعام بأقل كمية من الملح.
• تخفيض
الوزن إذا كان المريض يعاني من السمنة وذلك حسب توجيهات أخصائي التغذية. لمعرفة المزيد حول حمية مرضى ارتفاع ضغط الدم "حمية داش DASH"
• مزاولة
التمارين الرياضية مثل السباحة والجري بانتظام حسب توجيهات الطبيب المعالج على أن يبدأ فيها المريض بالتدريج إذا لم يسبق له التمرين من قبل.
• الإقلاع فوراً عن
التدخين.
• إيقاف تناول
حبوب منع الحمل
(للنساء) واللجوء إلى استعمال وسائل أخرى إذا كانت المريضة في سن الإنجاب
وخاصة إذا كانت من الفئة التي يزيد وزنها مع تناول حبوب منع الحمل. وهذه
الفئة من النساء لديهن قابلية للإصابة بالمضاعفات ؛ ولذا يلزم متابعتهن من
قبل الطبيب بانتظام.للمزيد "
حبوب منع الحمل بين الفوائد والمخاطر المحتملة"
• إتباع
حمية خاصة إذا لزم الأمر في حالة ارتفاع نسبة الكولسترول أو السكر في الدم.
للمزيد ""
رابعاً:
في حالة ارتفاع الضغط المتوسط أو الشديد يقوم الطبيب المعالج بوصف الدواء
حسب حالة المريض بالإضافة إلى مراعاة العوامل التي سبق ذكرها ، ويحدد كمية
الدواء وفق معدل الضغط المطلوب. من المهم الإلمام بمايلي :
• معظم
الأدوية المتوفرة حديثاً جيدة ومضاعفاتها محدودة على خلاف الأدوية القديمة
وعلى كل حال فان مضاعفاتها إن وجدت وأخطارها أقل بكثير من ترك ضغط الدم
مرتفعا أعلى من المعدل الطبيعي.
للمزيد "
الأدوية الخافضة للضغط الشرياني المرتفع"
• ارتفاع ضغط الدم الأولي متى وجد فهو يشكل ظاهرة مستديمة
ويلزم علاجها على الدوام إما وفق الأساليب الغير دوائية، أو بإضافة دواء أو أكثر حسب الحاجة.
•
ارتفاع ضغط الدم ليس له أعراض إلا نادراً وعندما يكون الارتفاع شديداً فان
أعراضه قد تبدأ في الظهور وإذا لم تظهر الأعراض فهذا لا يعني عدم وجود ضغط
مرتفع، ولايمكن للمريض أن يعرف أن ضغطه مرتفع أو غير مرتفع بدون قياس
للضغط ، ولذا وجب التنبيه حتى لا يفاجأ المريض بظهور إحدى المضاعفات من حيث
لا يدري.